الطغاة و الجبارين ليسوا حكراً على زمن معين من الأزمان أو على عصر من العصور، بل هم موجودون في كافة الأزمان و العصور. و أيضاً لم يكن هؤلاء الطغة ليصلوا إلى الحالة التي وصلوا إليها من لتسلط والتكبر والتجبر و عدم احترام الشعوب الضعيفة، إلا بسبب حالة الضعف والهوان التي رانت على شعوبهم، فرضوا بهم، و عاشوا عيشة الذل، فلو أن الناس وقفوا امام ظلمه و تجبره و جبروته لما استطاع أن بفعل ما فعله ، فالتطبيل والتزمير الذي يفعلونه أمام الطاغية سينقلب على أعقابهم بوماً ما، لأن الطاغية لن يهتم و لا بأي حال من الأحوال بشعبه و لا بمن يحيطون به و لا بالمقربين منه، المهم فقط هو المال و السيطرة و النفوذ و السلطة.
من أشهر طواغيت البشرية على الإطلاق و الذي أصبح مضرب الأمثال للناس، على اختلاف الأزمان، هو فرعون الذي وقف في وجه الحق الذي جاء به رسول الله تعالى موسى – عليه السلام -، فرعون هو الشر المتجسد على هيئة إنسان، آذى بني إسرائيل ونكل بهم أشد التنكيل، فأرسل الله تعلى نبيه موسى و آزره بهارون أخوه، فلاقى النبيان العظيمان أشد أنواع التكذيب من فرعون و زبانيته و حاشيته، كل هذا بسبب الكبر و العناد الذي كان فرعون يتميز بهما، فالغرور قد جمد عقله وجوارحه و كل مشاعره الإنسانية.
من هنا بدأ العقاب الإلهي لفرعون و قومه، فسلط عليهم الضربات العشر و هي الدم الذي حل محل المياه في النيل و المسطحات المائية، و الضفادع و البعوض و الذباب و الغبار و الأمراض الجلدية و البرد و الظلام و النار و الجراد و موت الاطفال، و قد وردت هذه الضربات في جميع الكتب السماوية من ضمنها القرآن الكريم.
عندها جاء الامر الإلهي بأن يخرج موسى – عليه السلام – ببني إسرائيل وينجو بهم من بطش فرعون الظالم، وعندما وصل موسى ومن معه من بني اسرائيل إلى الماء، شق الله الماء أمام موسى ومن معه ليخرجوا من الجهة الأخرى، عندها وصل فرعون وجنده إلى وسط الماء، فأغرقهم الله بالماء، عندها نطق فرعون بكلمته الشهيرة وهي أنه آمن برب موسى ورب بني اسرائيل، إلا أن الله أغرقه، لأنه لم ينطق بها من قلبه وإنما خوفاً، إضافة إلى أنه نطق به في لحظات موته، والتوبة لا تقبل عند لحظات الموت لأن كل الغيبيات التي كان منكراً لها تصبح واقعاً وتكشف، فلا معنى لإيمانه عندئذ.
المقالات المتعلقة بلماذا لم تقبل توبة فرعون